كيف نحافظ على قوة عضلاتنا في الشيخوخة ونتجنب آثار الساركوبينيا

مع تقدم الإنسان في العمر، تبدأ العديد من التغيرات البيولوجية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، ومن أبرز هذه التغيرات “الساركوبينيا”، وهي حالة طبية تُعرف بفقدان كتلة العضلات وضعفها نتيجة التقدم في السن.

في حين أن الكثيرين يربطون الشيخوخة بمشاكل مثل هشاشة العظام، إلا أن الساركوبينيا هي ظاهرة أكثر خطورة، إذ تؤثر على قدرة الفرد على الحركة والنشاط، مما يزيد من خطر الإصابات ويضعف الصحة العامة بشكل ملحوظ.

في هذا المقال، سنتناول بعمق ظاهرة الساركوبينيا، أسبابها، وأهمية الحركة والتمارين في الحفاظ على كتلة العضلات، خصوصاً في الأطراف السفلى من الجسم، ونقدم نصائح عملية لكبار السن لتحسين نوعية حياتهم وتجنب هذه الظاهرة.

ما هي الساركوبينيا؟

الساركوبينيا هي تدهور الكتلة العضلية الهيكلية وقوتها نتيجة الشيخوخة. يشتكي العديد من كبار السن من ضعف العضلات الذي قد يصل إلى درجة تجعلهم غير قادرين على أداء أنشطتهم اليومية. الساركوبينيا ليست حالة بسيطة؛ إذ تتطلب وقاية وعلاجاً فعّالين لأن فقدان العضلات يسبب تراجعاً في القدرات الحركية ويزيد من خطر السقوط والإصابة.

هل تُعد الساركوبينيا مرضا خطيرا؟

 قد تبدو هشاشة العظام للوهلة الأولى مشكلة خطيرة تتطلب توخي الحذر، إلا أن الساركوبينيا تمثل تحدياً خطيرا بدورها. هشاشة العظام تزيد من خطر الكسر في حال السقوط، في حين أن الساركوبينيا تقلل من قدرة الشخص على الحركة والنشاط، وتضعف قوة العضلات التي تدعم استقرار الجسم وتوازن الحركات.

الأثر الجسدي للساركوبينيا يتجاوز مجرد التراجع العضلي؛ حيث يرفع نسبة السكر في الدم نظراً لعدم كفاية كتلة العضلات المسؤولة عن حرق الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تزداد الحاجة إلى الحركة والنشاط لتجنب تأثير الساركوبينيا، خاصة مع تراجع قدرة الشخص الكبير في السن على استعادة عضلاته المفقودة بسرعة.

أهمية الحركة والتدريب للحفاظ على العضلات

 يمثل النشاط البدني أهمية كبيرة لمنع فقدان العضلات، وخصوصاً عضلات الساقين التي تعد الأكثر عرضة للضمور مع التقدم في العمر. يعد الوقوف والمشي وصعود السلالم وركوب الدراجات من أفضل التمارين التي تساعد في تقوية العضلات والحفاظ عليها. فالحركة تُحفّز العضلات وتمنعها من الضمور، وبالتالي تحافظ على قدرة الشخص على التحرك بشكل مستقل وتقلل من احتمالات السقوط والإصابة.

إليك بعض النصائح للحفاظ على صحة عضلاتك والوقاية من الساركوبينيا:

التمرين اليومي: يعد المشي اليومي أحد أبسط وأفضل التمارين للحفاظ على قوة عضلات الساقين. بفضل فوائد المشي، تتحسن الدورة الدموية، ويتم حرق السعرات الحرارية، وتقوية العضلات والمفاصل. يوصى بالمشي لمدة 30 إلى 40 دقيقة يومياً، سواء كان ذلك بشكل متقطع أو دفعة واحدة. هذا التمرين يسهم في تحسين صحة القدمين والساقين ويضمن بقاء العضلات في حالة صحية جيدة.

الوقوف والحركة: يُنصح بعدم البقاء لفترات طويلة في وضعية الجلوس أو الاستلقاء، خصوصاً لمن هم في مراحل عمرية متقدمة.

ينصح الأطباء بتجنب الجلوس عند عدم الحاجة إليه، فالنهوض والحركة تضمن بقاء العضلات نشطة وتحافظ على قوة العضلات. كلما ابتعد الفرد عن الراحة الزائدة والحركة المحدودة، تحسن أداء عضلاته وقدرته على أداء الأنشطة اليومية بسهولة.

صعود السلالم: يُعدّ صعود السلالم والهبوط منها تمريناً فعالاً لتعزيز قوة عضلات الساقين، ويساعد في تحسين التوازن والمرونة. صعود السلالم يحفّز عضلات الساقين على العمل، مما يعزز من قوتها ويمنع ضعفها. حتى لو كان ذلك مرة يومياً، فإن صعود السلالم له أثر إيجابي كبير على اللياقة البدنية.

العلاقة بين الساقين وصحة الجسم الساقان تحملان حوالي 50٪ من عضلات وعظام الجسم، وهما مركز رئيسي للنشاط الحركي. كما أن نصف الأوعية الدموية والأعصاب تقريباً تتواجد في الساقين، مما يجعل المحافظة على قوة الساقين أساساً لحياة صحية ومفعمة بالحيوية. تساهم الساقان في حوالي 70٪ من النشاط الحركي وحرق الطاقة في حياة الإنسان، لذلك فإن الحفاظ على صحة الساقين يتطلب تمارين مستمرة ونشاطاً بدنياً منتظماً.

أثر التمارين على عضلات الساقين: مع تقدم العمر، تتأثر عضلات الساقين بشكل خاص، وتبدأ بفقدان قوتها تدريجياً إذا لم تُمارس تمارين منتظمة. توضح الدراسات أن عدم تحريك الساقين لفترة أسبوعين فقط يمكن أن يؤدي إلى فقدان في القوة يعادل تراجعاً عمره عشر سنوات. لذا، من المهم جداً عدم تجاهل الساقين وتقديم الرعاية اللازمة لهما عبر ممارسة التمارين بانتظام.

كيف نحافظ على الساقين ونحمي أنفسنا من الساركوبينيا؟

للوقاية من الساركوبينيا، هناك خطوات بسيطة لكنها فعّالة يجب أن تصبح جزءاً من الروتين اليومي، خاصةً لأولئك الذين تجاوزوا سن الأربعين:

المشي اليومي: لا تتوقف عن المشي، حتى لو لبضع دقائق فقط يومياً، فالمشي اليومي من أفضل الأنشطة التي يمكن ممارستها للحفاظ على صحة الجسم. ليس من الضروري أن يكون المشي لمسافات طويلة، فبضع دقائق حول المنزل أو في الحي كافية لإحداث فرق إيجابي. يمكن استغلال المكالمات الهاتفية الطويلة للمشي بدلاً من الجلوس، مما يضفي شعوراً بالنشاط ويقلل من الشعور بالخمول.

التمارين البسيطة: تُعد التمارين البسيطة مثل القرفصاء والتمددات ذات فائدة كبيرة لتعزيز عضلات الساقين وتحسين مرونة الجسم. هذه التمارين لا تتطلب وقتاً طويلاً أو معدات خاصة، وتكفي بضع دقائق يومياً لممارستها. يمكن أن تكون بداية جيدة لمن يرغب في تحسين لياقته بشكل تدريجي.

الاستراحة النشطة: إذا كانت طبيعة العمل أو ظروفك الخاصة تتطلب الجلوس لفترات طويلة، فمن المهم أخذ استراحات نشطة كل ساعة لتحريك الجسم. الوقوف والتحرك لبضع دقائق يساعدان على تنشيط الدورة الدموية ويقللان من آلام الظهر والمفاصل. يمكن ضبط منبه على الهاتف لتذكيرنا بالتحرك وتجنب الجلوس المستمر.

تجنب الإفراط في الراحة: الراحة المفرطة قد تؤدي إلى خمول الجسم وتراجع نشاطه. لذا، يُفضل استغلال الفرص المتاحة للتحرك، سواء بترتيب المنزل أو الوقوف أثناء المكالمات الهاتفية. الحفاظ على مستوى من النشاط في الحياة اليومية يعزز من صحة الجسم ويسهم في تحسين الأداء العام.

صعود السلالم: استخدام السلالم بدلاً من المصعد يُعتبر وسيلة فعالة لتعزيز اللياقة البدنية وتقوية عضلات الأرجل. إذا كانت الطوابق قليلة، يُنصح بصعود السلالم كعادة يومية بسيطة، فهي تسهم في تحسين القدرة على التحمل مع مرور الوقت.

الرياضات الخفيفة: تُعد الرياضات الخفيفة مثل ركوب الدراجات والسباحة خيارات مثالية للحفاظ على اللياقة البدنية بدون ضغط كبير على المفاصل. ركوب الدراجة يعزز من قوة عضلات الساقين ويحسن توازن الجسم، بينما تعتبر السباحة تمريناً شاملاً يفيد الجسم بأكمله.

دور الأسرة والأصدقاء في دعم كبار السن

يحتاج كبار السن إلى دعم الأهل والأصدقاء لتشجيعهم على الاستمرار في الحركة والنشاط. من المهم توعية المحيطين بآثار الساركوبينيا على جودة حياة المسنين وحثهم على ممارسة الأنشطة البدنية البسيطة بشكل منتظم. التشجيع على ممارسة التمارين وتجنب المساعدة الزائدة يمكن أن يحافظ على استقلالية كبار السن ويمنحهم القوة اللازمة لتفادي آثار الشيخوخة.

خلاصة

 تعد الساركوبينيا أحد أكبر التحديات التي تواجه صحة كبار السن، وتؤثر على قدرتهم على الحركة والاعتماد على أنفسهم. وللوقاية من هذه الظاهرة، يلعب النشاط البدني المنتظم دوراً أساسياً في الحفاظ على قوة العضلات، خصوصاً عضلات الساقين التي تشكل مركز القوة والحركة في الجسم. علينا أن نستثمر بضع دقائق يومياً للحفاظ على صحة أجسامنا، ونشجع المحيطين بنا على ذلك، لأنه بالفعل، لم يفت الأوان للبدء، حتى بعد سن السبعين.

شاهد أيضاً

أمريكا في عهد ترامب: وعود العصر الذهبي بين التحديات والفرص

بسيم الأمجاري مع تنصيبه اليوم 20 يناير 2025، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلمة مثيرة …

الصراع حول الصحراء المغربية: بين المواقف الدولية وتوازنات القوى الكبرى

بسيم الأمجاري تعد قضية الصحراء المغربية واحدة من أكثر النزاعات تعقيداً في العالم، حيث تشكل …

جهة بني ملال – خنيفرة: مشاريع طموحة نحو تنمية سياحية واقتصادية واعدة

تُعد جهة بني ملال خنيفرة واحدة من أهم جهات المملكة المغربية، لما تزخر به من …

معاهدة الشراكة الشاملة بين روسيا وإيران: هل هي خطوة نحو تحالف دفاعي أم مجرد لعبة دبلوماسية؟

في ظل التصعيد المستمر في العلاقات الدولية وتزايد التوترات بين روسيا والغرب من جهة، وإيران …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *