
بسيم الأمجاري
شهر رمضان هو فترة تقوية للجسد والروح، ولكنه يأتي مع تحدياته الصحية الخاصة بسبب الصيام الطويل، الذي يتطلب من الصائم الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى غروب الشمس. من بين أهم الأمور التي يجب التركيز عليها خلال هذا الشهر هي الحفاظ على الترطيب المناسب للجسم. ففي ظل عدم تناول الماء طوال ساعات الصيام، تصبح إدارة شرب الماء بشكل مناسب بين وجبتي الإفطار والسحور من الأمور الحيوية للحفاظ على الصحة العامة.
لذلك، سنتناول في هذا المقال أهمية شرب الماء في رمضان، كيفية ترطيبه بشكل صحيح، والمخاطر الناتجة عن نقص السوائل، خاصة بالنسبة للحوامل، كبار السن، والمرضى.
أهمية شرب الماء في رمضان
1. منع الجفاف: من أبرز المشاكل التي يمكن أن يعاني منها الصائم هي الجفاف. إذ يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل خلال ساعات الصيام بسبب عدم تناول الماء أو السوائل الأخرى. شرب الماء يساعد في تعويض هذا الفقد ويمنع الإصابة بالجفاف الذي قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل الصداع، الدوار، وفقدان التركيز. الجفاف الحاد يمكن أن يسبب مشاكل أكبر مثل الإغماء.
2. تحسين وظائف الجسم: الماء ضروري لأداء العديد من وظائف الجسم مثل الهضم، امتصاص المواد الغذائية، وتنظيم حرارة الجسم. كما يساعد الماء في تحسين أداء الكليتين، حيث أن قلة السوائل قد تؤدي إلى تراكم السموم في الجسم.
3. زيادة الطاقة: على الرغم من أن كثيرًا من الناس قد لا يدركون ذلك، إلا أن الجفاف يمكن أن يؤدي إلى شعور عام بالتعب والإرهاق. بينما يساعد الترطيب الجيد على رفع مستويات الطاقة بشكل ملحوظ، مما يمكن الشخص من أداء مهامه اليومية بشكل أفضل وأكثر نشاطًا.
4. العناية بالبشرة: يسبب نقص الماء جفاف البشرة وظهور علامات التعب عليها. لذلك، يمكن أن يساعد شرب الماء بانتظام في إبقاء البشرة ناعمة ومشعة. لا سيما في رمضان، عندما تتعرض البشرة للتهيج بسبب الحرارة والجفاف.
كيفية شرب الماء بين الإفطار والسحور؟
بينما يكون من الصعب تزويد الجسم بالماء خلال ساعات الصيام، فإنه من الممكن اتباع بعض الإرشادات لزيادة استهلاك الماء خلال الفترة بين الإفطار والسحور.
1. وقت الإفطار:
ابدأ بكوب من الماء المعتدل الحرارة: العديد من الناس يميلون إلى شرب الماء المثلج عند الإفطار، ولكن من الأفضل أن يبدأ الصائم بإفطاره بكوب من الماء الفاتر أو المعتدل الحرارة، لتجنب صدمة المعدة.
تناول التمر والماء: يُعتبر التمر مع الماء من أفضل الأطعمة التي يجب تناولها فور الإفطار لأنه يحتوي على السكريات التي تعيد الطاقة بشكل سريع والماء الذي يعوض السوائل المفقودة.
تجنب الإفراط بالماء البارد: الماء البارد قد يسبب صداعًا حادًا، لذا يُفضل أن يتم شربه تدريجياً وعلى شكل رشفات.
2. وقت السحور:
تأخير السحور: تناول السحور في وقت متأخر قليلاً من الليل يمكن أن يساعد الجسم على الاحتفاظ بالماء لفترة أطول.
شرب كميات معتدلة من الماء: من الخطأ شرب كميات كبيرة من الماء بشكل مفاجئ عند السحور، لأن ذلك يؤدي إلى إفراز البول بسرعة ويفقد الجسم السوائل مرة أخرى. يُفضل شرب 500 إلى 750 مل من الماء وتناول الأطعمة الغنية بالماء مثل الخضروات والفواكه (كالخيار والطماطم والبطيخ).
تقليل الكافيين: يُعد الكافيين مدرًا للبول، مما يؤدي إلى فقدان الماء بشكل أسرع. لذا يجب تقليل تناول الشاي والقهوة في السحور.
3. التنوع في مصادر الماء:
تناول الفواكه والخضروات الغنية بالماء: مثل البطيخ والخيار والبرتقال. هذه الأطعمة تقدم الماء بشكل تدريجي إلى الجسم كما تحتوي على الفيتامينات والمعادن الضرورية للصحة.
الشوربات والعصائر الطبيعية: يمكن أن تساهم الشوربات والعصائر الخالية من السكر في زيادة استهلاك السوائل خلال الفترة بين الإفطار والسحور.

مخاطر نقص الماء في رمضان
نقص الماء في رمضان يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على الصحة، خاصة لأولئك الذين يعانون من حالات صحية معينة.
1. كبار السن: كبار السن هم أكثر عرضة للإصابة بالجفاف بسبب التغيرات الطبيعية في الجسم مع التقدم في السن، مثل انخفاض الإحساس بالعطش وضعف وظيفة الكلى. قد يؤدي نقص الماء إلى تفاقم مشاكل صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، والجلطات الدماغية، وأمراض القلب.
2. الحوامل: الجفاف يمكن أن يكون خطيرًا بالنسبة للنساء الحوامل. يمكن أن يؤدي نقص السوائل إلى حدوث انقباضات غير منتظمة، مما يزيد من خطر الولادة المبكرة. كما أن الجفاف يساهم في الإصابة بالإمساك، وهو من المشاكل الشائعة خلال الحمل.
3. المرضى: المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض الكلى يحتاجون إلى ترطيب مستمر خلال شهر رمضان. يؤدي الجفاف إلى زيادة معدل ضربات القلب وقد يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، كما يمكن أن يؤثر على قدرة الجسم على التعامل مع الأدوية والعلاج.
ويحرص المختصون في التغذية على التنبيه على أن العديد من الأشخاص يرتكبون أخطاء شائعة بالتقليل من شرب الماء خلال شهر رمضان، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي والجفاف، فضلا عن الشعور بالانزعاج العام.
ويرون أنه في البداية قد تظهر آثار الجفاف في شكل أعرض يمكن التعامل معها بسهولة، ولكن إذا استمرت لفترة طويلة، فقد تسبب أضرارًا أكبر. وتشمل هذه الأعراض الدوار، التعب، الصداع، والخمول. وفي حال تجاهل هذه العلامات، قد يؤدي الجفاف إلى حالات خطيرة مثل الإغماء أو السقوط، مما يزيد من خطر الإصابة بإصابات جسدية مثل ارتطام الرأس أو الكسور.
أما الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب، فقد يواجهون زيادة في معدل ضربات القلب بسبب الجفاف، مما يزيد من احتمالية حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
ومن الملاحظات التي يبديها المختصون في هذا المجال أيضا أن الكلى تلعب دورًا رئيسيًا في التخلص من السوائل التي نتناولها يوميًا، ومن شأن نقص الماء المستمر أن يؤثر سلبًا على كفاءة الكلى.
ختاما
في النهاية، من الضروري أن يتذكر الجميع أهمية شرب الماء بشكل كافٍ أثناء شهر رمضان للحفاظ على صحتهم وسلامتهم. يجب أن يكون هناك اهتمام خاص لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية خاصة مثل كبار السن، الحوامل، والمرضى.
يمكن اتباع الإرشادات البسيطة من شرب الماء المعتدل بين الإفطار والسحور، وتناول الأطعمة الغنية بالسوائل للحصول على الترطيب الأمثل. كما يجب الحذر من شرب الماء بشكل مفاجئ أو كميات كبيرة في وقت واحد.