بسيم الأمجاري
مدينة الرباط هي إحدى أعرق المدن المغربية. تتميز بتاريخ غني ومعالم حضارية ومواقع تاريخية ضاربة في أعماق التاريخ. غالبا ما يذهب المؤرخون إلى أن هذه المدينة يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر في عهد الدولة الموحدية، حيث كانت الرباط في البداية عبارة عن حصن عسكري سمي بـ “رباط الفتح”، أسسه الخليفة عبد المؤمن الموحدي لتأمين البلاد من الغزاة واستغلال موقعها الاستراتيجي قرب المحيط الأطلسي.
مدينة الرباط: موقع استراتيجي وتاريخ عريق
تعد مدينة الرباط، عاصمة المغرب الإدارية، من المدن المغربية العريقة في التاريخ والحضارة. موقعها المطل على المحيط الأطلسي وضفاف نهر أبي رقراق جعلها تعيش محطات تاريخية هامة، حيث تزاوج فيها الماضي المجيد مع الأحداث المتألقة. منذ تأسيسها في القرن الثاني عشر، أضحت معقلًا للفكر والدود عن الدين والوطن، ومع التطور وفضلا عن تاريخها العريق أصبحت تحتضن العديد من الإنجازات التي بوأتها مكانة هامة وسط مدن عالمية كبرى.
التأسيس والتطور التاريخي
يرى العديد من الباحثين أن مدينة الرباط، العاصمة الحالية للمغرب، تأسست خلال فترات تاريخية مختلفة، حيث بدأت معالمها التأسيسية خلال حقبة المرابطين الذي جعلوا منها حصنا منيعا ونقطة لصد وردع هجمات البورغواطيين.
بعد سقوط حكم المرابطين، جعل الموحدون من مدينة الرباط مدينة محصنة تنطلق منها الجيوش إلى الأندلس، وأصبحت الرباط قاعدة عسكرية استراتيجية ضد الإسبان أطلق عليها اسم “رباط الفتح”، وكان القصد من التسمية إبراز أهمية المدينة كحصن قوي يحمي الجيوش الموحدية ويؤمن الانطلاق نحو الأندلس.
وبتوالي السنين، تحولت المدينة من قاعدة عسكرية إلى مركز حضري هام يضم عدة معالم دينية وثقافية، بما في ذلك جامع حسان، الذي يعتبر أحد أبرز المعالم التاريخية في المدينة، التي كان الخليفة الموحدي يعقوب المنصور، يطمح في أن يجعل منه أكبر مسجد في العالم الإسلامي، غير أن طموحه لم يتكمل بسبب وفاته.
في هذا المقال، سنستعرض بإيجاز بعض المعالم التاريخية لهذه المدينة، بداية من أزمنتها القديمة وصولاً إلى معالمها الحديثة المبهرة منها على سبيل المثال برج محمد السادس والمسرح الكبير، ما يجعلها جوهرة فريدة تضيء في سماء المغرب.
أهم المعالم التاريخية لمدينة الرباط
- موقع شالة الأثري:هو من أقدم المواقع الأثرية في المغرب، يقع على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق. تأسس في العصور القديمة كمدينة فينيقية، ثم أصبح مستوطنة رومانية هامة. يضم الموقع أطلالاً رومانية مثل الحمامات والأسوار، إلى جانب آثار إسلامية تعود لفترة حكم المرينيين في القرن الرابع عشر، الذين أعادوا إحياء الموقع كمقبرة ملكية. شالة مكان مهيب يجذب الزوار والسياح بسبب طبيعته الهادئة وآثاره الغنية، ويضفي وجود طيور اللقالق التي تبني أعشاشها على الأطلال جمالاً فريداً ورائعا على الموقع.
- صومعة حسان: من أهم المعالم التاريخية في الرباط، بدأ بناؤها في عهد السلطان يعقوب المنصور الموحدي، وكان يهدف ليجعل هذا الصرح أكبر مسجد في العالم. ورغم عدم اكتمال بناء المسجد بسبب وفاة السلطان، إلا أن البرج الضخم والمئذنة ما زالا قائمين، وهما شاهدان على عظمة العمارة الإسلامية الموحدية.
- قصبة الأوداية: تُعد من أقدم المعالم في الرباط وهي رمز للتراث المغربي القديم. تقع القصبة على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق وتطل على المحيط الأطلسي، مما يمنحها إطلالة غاية في الجمال. تمتاز القصبة ببوابتها العتيقة وحدائقها الجميلة وأسوارها القوية التي تحكي قصص الحروب القديمة.
- المدينة العتيقة: تمثل قلب الرباط النابض بالحياة، وهي عبارة عن متاهة من الأزقة الضيقة والمحلات التقليدية التي تعرض كل شيء من المنتجات الحرفية إلى الأطعمة المغربية الأصيلة. تجسد المدينة العتيقة روح الرباط القديمة حيث تلتقي الحضارة مع التراث.
- حي القناصلة: هو جزء من المدينة القديمة، ويحمل أهمية تاريخية ودبلوماسية كبيرة. في العصور الماضية، كان هذا الحي موطناً لعدد من القناصل الأجانب، مما جعل منه مركزاً للتواصل بين المغرب والدول الأوروبية. حتى اليوم، لا يزال الحي يحتفظ بطابعه الأصيل من خلال الأزقة الضيقة والمباني التي تعكس الهندسة المعمارية التقليدية المغربية ممزوجة ببعض التأثيرات الأوروبية. يعد الحي شاهداً على علاقات المغرب الخارجية الطويلة الأمد وتأثيرات التبادل الثقافي بينه وبين العالم.
الرباط في العصر الحديث: عاصمة إدارية بعد دخول فرنسا إلى المغرب
بعد فترة الموحدين، تراجعت أهمية مدينة الرباط قليلًا حتى القرن العشرين، حيث عادت إلى الواجهة عندما اختيرت لتكون العاصمة الإدارية للمغرب في عهد الحماية الفرنسية. وقد شهدت الرباط خلال هذه الفترة، تحديثات هامة شملت تطوير البنية التحتية وإنشاء طرق ومباني حكومية، مما بوأها مركزًا سياسيًا وإداريًا رئيسيًا.
ومع استقلال المغرب سنة 1956، استمرت الرباط في التطور كعاصمة إدارية حديثة، مع الحفاظ على طابعها التاريخي وتراثها الثقافي الغني. كما شهدت خلال عقود نموا حضريا واقتصاديا ملحوظا، حيث تنامت وأضيفت إليها العديد من الأحياء الجديدة ومؤسسات الدولة الرئيسية.
أهم المعالم والمشاريع الحديثة في مدينة الرباط
في السنوات الأخيرة، شهدت الرباط طفرة كبيرة في مجال التحديث الحضري والمعماري، حيث أطلقت العديد من المشاريع الضخمة التي تهدف إلى تعزيز مكانتها كمدينة عصرية وواحدة من أهم العواصم في إفريقيا.
- ضريح محمد الخامس
تم الشروع في تشييد ضريح محمد الخامس الذي يشكل إحدى الآثار التاريخية الجميلة بمدينة الرباط سنة 1962، وانتهى بناؤه سنة 1971. وتم بناء هذه المعلمة المعمارية أمام صومعة حسان على مرتفع يطل عل كل من مدينة سلا ونهر أبي رقراق وعلى مقربة من مصبه بالمحيط الأطلسي.
وقد أهدي هذا الضريح إلى ذاكرة الملك محمد الخامس تغمده الله برحمته، الذي يعتبره الشعب المغربي رمزا لتحرير الأمة. كما يوجد إلى جوار قبر المغفور له الملك محمد الخامس قبر وريث سره الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، وكذا قبر الأمير مولاي عبد الله أسكنهم الله جميعا فسيح جنانه.
يعد الضريح تحفة معمارية فاتنة تجمع بين فن العمار وفن الصناعة التقليدية ببلادنا. وقد سجلت هذه المعلمة ضمن الآثار الإسلامية طبقا لقانون الآثار لجامعة الدول العربية، وكذا ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
- تهيئة ضفتي أبي رقراق
تُعد تهيئة ضفتي واد أبي رقراق من أبرز المشاريع التنموية الحديثة التي تهدف إلى إعادة رسم معالم الرباط وسلا بلمسة معمارية تجمع بين الحداثة والتراث. تروم هذه المبادرة استغلال الضفتين لتصبحا وجهة ترفيهية وسياحية عالمية، مع الحفاظ على الطابع التاريخي والثقافي للمدينتين.
بفضل تصميم هندسي متطور، عرفت ضفتي أبي رقراق انطلاقة لتحول كبير في المشهد الحضري والبنية التحتية من خلال إنشاء حدائق ومنتزهات ومساحات عامة، بالإضافة إلى توفير مرافق ترفيهية وثقافية. ويُتوقع أن تسهم الإنجازات الحالية وما سيليها من إنجازات مستقبلية في جذب السياح من مختلف بقاع العالم، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويزيد من رفاهية السكان.
تم البدء في تنفيذ هذا المشروع التنموي على مراحل بتمويل مشترك من صندوق الحسن الثاني للتنمية الاجتماعية الاقتصادية والمديرية العامة للجماعات الترابية. وتشمل هذه العملية إعادة تأهيل المعالم التاريخية المجاورة للنهر وربطها بشبكة من المسارات السياحية. يُرتقب أن يكون لهذا المبادرة التنموية تأثير إيجابي على البيئة والمشهد العمراني من خلال تصميم يعكس الهوية التاريخية والثقافية للمنطقة.
من جهة أخرى، من المتوقع أن يعزز المشروع التنمية المستدامة في مدينتي الرباط وسلا، مما يجعلهما مركزين حضريين نابضين بالحياة والنشاط، ووجهة رئيسية للاستثمار السياحي والثقافي على الصعيدين الوطني والدولي.
المسرح الكبير بالرباط: تحفة معمارية حديثة
يعتبر المسرح الكبير في الرباط من أبرز الإنجازات المعمارية الحديثة التي تميز المدينة، وأحد أكبر المسارح سواء على الصعيد العربي أو الإفريقي. قامت بتصميمه المهندسة المعمارية العراقية الشهيرة زها حديد، حيث جاء التصميم بلمسة مستقبلية تمزج بين الحداثة والتراث المغربي. يعكس هذا الصرح الطُّمُوح الثقافي والفني للرباط، ونقطة جذب رئيسية لاستضافة العروض المسرحية والموسيقية الكبرى
المسرح الكبير جزء من مشروع تطوير ضفاف نهر أبي رقراق الذي يفصل بين الرباط وسلا، ويهدف إلى تحويل المنطقة إلى مركز ثقافي واقتصادي عالمي، يسهم في جذب السياح والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
برج محمد السادس: أعلى ناطحة سحاب في إفريقيا
يُعتبر “برج محمد السادس” من أبرز المشاريع الحديثة التي تمثل نقلة نوعية في تطور مدينة الرباط، وهو الآن أعلى ناطحة سحاب في إفريقيا بارتفاع يصل إلى حوالي 250 مترًا ويضم 55 طابقًا. يحتوي البرج على مكاتب وفنادق وشقق سكنية، بالإضافة إلى منصات مراقبة توفر إطلالات بانورامية خلابة على المدينة. يجسد البرج رمزًا للتقدم الاقتصادي والتكنولوجي في المغرب، ويهدف إلى تعزيز مكانة الرباط كمركز مالي وتجاري بارز في القارة الإفريقية.
وقد حاز “برج محمد السادس” على جائزة “أفضل أداء في مشروع هندسي” خلال تظاهرة “كامينوس مدريد 2022″، التي تنظمها هيئة المهندسين المدنيين الإسبانيين في مدريد، ما يجعل هذه الجائزة معيارًا في عالم الهندسة والبناء.
- ترامواي الرباط
يُعتبر “ترامواي الرباط وسلا” حلاً نموذجياً لمواجهة تحديات النقل الحضري بين المدينتين، حيث يساهم في تلبية الطلب المتزايد على وسائل النقل ويوفر بديلاً فعالاً لاستخدام السيارات الخاصة. تم افتتاح خطي الترامواي، إلى جانب قنطرة الحسن الثاني، تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس يوم الأربعاء 18 مايو 2011.
يُعد هذا المشروع جزءاً أساسياً من برنامج تهيئة وتنمية ضفتي واد أبي رقراق، حيث يهدف إلى تسهيل حركة المرور وتعزيز الربط بين الرباط وسلا، من خلال تقديم وسيلة نقل تحترم البيئة وتضمن الأمان والتنظيم. تم تنفيذ جميع مكونات المشروع على أرض الواقع بمشاركة مقاولات مغربية وبالتعاون مع مكاتب دراسات ومختبرات مختصة بمراقبة الجودة.
تتألف شبكة الترامواي الحالية من خطين بطول إجمالي يصل إلى أكثر من 19.5 كيلومتر، ويضم 31 محطة، تغطي مناطق حيوية ذات كثافة سكانية عالية، مثل الأحياء الجامعية والمستشفيات والمرافق الإدارية، إضافةً إلى مركز المدينتين وأهم المحطات الطرقية والسككية.
تُجرى حالياً دراسات لتمديد خطوط الترامواي بمسافة تصل إلى 45 كيلومتراً على مرحلتين، لتشمل أحياء جديدة في عمالة الرباط، وعمالتي سلا والصخيرات تمارة المجاورتين. جاء هذا التمديد استجابةً للزيادة في الطلب على وسائل النقل العامة في هذه المناطق التي تضم 12% من السكان الحضريين في المغرب.
بدأ مشروع ترامواي الرباط سلا من سلسلة من الدراسات السابقة، أولها خطة النقل “طرانسروط” لعام 1976، ثم البحوث المنجزة سنة 1982. وفي عام 2003، تم طرح فكرة إنشاء خطوط نقل عام في ممرات خاصة. وبعد دراسات تصميمية أُجريت في عامي 2005 و2006، تم تكليف وكالة تهيئة ضفتي واد أبي رقراق بتنفيذ المشروع بالتعاون مع بلديات الرباط وسلا.
في فبراير 2007، أطلق جلالة الملك محمد السادس أشغال بناء خطي الترامواي، وتم تحديد المبادئ الأساسية للمرحلة الأولى، وبدأ التشغيل الفعلي للمشروع مطلع عام 2011.
- القناطر الجديدة
في إطار تحسين البنية التحتية وتسهيل حركة المرور بين الرباط والمدن المجاورة، تم إنشاء مجموعة من القناطر الجديدة التي تربط المدينة بجارتها سلا. من أبرز هذه القناطر:
- قنطرة الحسن الثاني
تعد هذه القنطرة التي تربط مدينتي الرباط وسلا رؤية جديدة ساهمت في تحسين النقل والتنقل في إطار مخطط التعمير. وهي معلمة معمارية تجمع بين تصميم قنطرة نموذجي وبنية تحتية محسنة ومخطط للتعمير.
وتم إطلاق بناء قنطرة الحسن الثاني في 23 دجنبر 2007 ودشنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 18 ماي 2011، وفتحت في وجه حركة السير في اليوم نفسه. وتتميز هذه المعلمة الفنية، التي تراعي الاستدامة، بهندستها وتكاملها مع المجال الحضري وكذا بالتقنية العالية التي تحكم بناءها.
وتسمح هذه البنية التحتية العصرية التي تضم ثلاث أرضيات بطول يصل مجموعه 46 متر، بتنقل الترامواي في الاتجاهين وعبور العربات والراجلين والدراجات، مما يسهل حركة المرور والعبور فوق نهر أبي رقراق وتقريب المدينتين المتقابلتين.
كما تعمل على تسهيل حركة مرور البواخر إلى المارينا التي تم الشروع في إنجازها وتطويرها في إطار مشروع “أمواج”، فضلا عن تسهيل حركة المرور النهري عبر واد أبي رقراق.
وبذلك، فإن هذه القنطرة، وفضلا عن دورها في تخفيف الازدحام المروري وتسهيل حركة النقل بين ضفتي نهر أبي رقراق، تُعتبر معلمة معمارية تم تصميمها بأسلوب يجمع بين الجمال والفعالية.
- جسر محمد السادس: أيقونة معمارية فريدة بمواصفات إيكولوجية عالمية
يُعتبر جسر “محمد السادس”، الذي يعد أكبر جسر معلق في إفريقيا والممتد على الطريق السيار المداري للرباط، تحفة معمارية فريدة تم تصميمها وفق معايير تقنية عالمية دقيقة ووفق رؤية إيكولوجية تتماشى مع السياسات الدولية في هذا المجال. يبلغ طول الجسر 950 متراً، ويتألف من برجين شاهقين بارتفاع يصل إلى 200 متر، وعرض يتجاوز 30 متراً.
هذا الجسر العصري يجمع بين الجمال والسلامة والابتكار التقني، مع احترامه للبيئة. وتتميز هندسته بتأثرها بالحضارة العربية-الإسلامية، حيث يرمز البرجان المقوسان إلى أبواب مدينتي الرباط وسلا. كما أن الجسر بُني بأيادٍ مغربية وخبرات دولية، ما يجعله رمزاً آخر للتواصل بين ضفتي واد أبي رقراق.
تم استخدام أحدث تقنيات بناء الجسور في تشييد هذا الصرح الذي لا يتميز فقط بجماله وتقنياته العالية، بل يوفر أيضاً مستويات متقدمة من السلامة لمستخدمي الطريق، مما يجعله معلمة مميزة تجمع بين الجوانب الجمالية والتقنية والبيئية.
- أنفاق طرقية تحت الأرض
من أبرز هذه الأنفاق، نفق الأوداية المنجز ضمن إطار مخطط تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق، والذي أسهم بشكل كبير في حل مشكلة الازدحام المروري بطريق المرسى، الذي يعرف حركة سير كثيفة. يهدف هذا النفق بشكل أساسي إلى إعادة التواصل التاريخي بين المدينة القديمة والأوداية، مع الحفاظ على القيمة التاريخية للموقع وتعزيز جاذبيته السياحية، بالإضافة إلى تحسين انسيابية حركة المرور.
يتكون النفق من أنبوبين تحت الأرض، كل أنبوب يحتوي على ممرين، وقد تم إنشاؤهما عبر حفر الصخر على مسافة 290 متراً. كما يضم خنادق مغطاة تُشكل قناة مزدوجة مصنوعة من الإسمنت المدعوم، وتمتد على طول 200 متر. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي النفق على خنادق مفتوحة مدعومة بجدران مقولبة بطول 220 متراً، وروابط دوارات تم إنشاؤها على امتداد 312 متراً، ما يسهم في تنظيم حركة السير وجعلها أكثر سلاسة.
وفضلا عن ذلك، تم إنجاز عدة أنفاق أخرى لتيسير حركة السير والجولان، منها على سبيل المثال:
- نفق حسان: أنجز بين مدينة الرباط وسلا النفق الرابط بين الرباط وسلا لتسهيل حركة المرور وتخفيفها بالنسبة لساكنة العدوتين؛
- نفق باب الأحد: تم بناء هذا النفق الطرقي على مستوى شارع الحسن الثاني، عند التقاطع مع شارع ابن تومرت. ويشمل إنجاز مفرق نحو شارع مصر.
- نفق أرضي حي الرياض: لحد كتابة هذا المقال، لا زالت تتوصل أشغال تشييد نفق نحت أرضي لربط حي الرياض بمجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، حيث من تسهيل مأمورية الجماهير التي ستحج لملعب الرباط بعد تجديده في الولوج للمجمع من كافة الأحياء بما فيها حي الرياض، وستصبح حركة المرور سلسلة بكل جنبات الملعب.
- مركب كرة القدم الجديد
من أبرز المشاريع الرياضية التي تشهدها الرباط حاليًا هو إعادة بناء مركب محمد الخامس لكرة القدم الذي يُعتبر أحد أهم الملاعب في المملكة. يأتي هذا المشروع ضمن استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال.
ويُتوقع أن يكون هذا الملعب من بين المنشآت الرياضية الأكثر تقدمًا في إفريقيا، حيث سيستفيد من أحدث التقنيات في مجال الرياضة والترفيه، ويندرج ذلك في إطار التزام المغرب بتحسين بنيته التحتية الرياضية استعدادًا لاستقبال هذا الحدث الرياضي العالمي.
الرباط كمدينة ذكية ومستدامة
إلى جانب الإنجازات العمرانية، تسعى الرباط إلى أن تكون مدينة ذكية ومستدامة، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للسكان والحد من التلوث البيئي. تشمل هذه المبادرات تطوير شبكة النقل العام، مثل الترامواي الذي يربط بين الرباط وسلا، والذي يُعتبر وسيلة نقل صديقة للبيئة وتساهم في تقليل انبعاثات الكربون.
بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ مشاريع تهدف إلى تحسين البنية التحتية الخضراء في المدينة، مثل إنشاء حدائق ومتنزهات عامة جديدة، وزراعة آلاف الأشجار في مختلف الأحياء. هذه المشاريع تسعى إلى تعزيز الاستدامة البيئية وتوفير مساحات خضراء تساهم في تحسين جودة الهواء وتوفير مناطق ترفيهية للسكان.
التحديات المستقبلية
على الرغم من كل هذه الإنجازات، وغيرها من المشاريع الأخرى التي لا يتسع هذا المقال إلى ذكرها، تواجه الرباط مجموعة من التحديات التي تحتاج إلى معالجة مستمرة. من أبرز هذه التحديات، هناك الحاجة إلى تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتطوير نظام نقل أكثر تكاملًا واستدامة. كما أن الازدحام المروري الذي تعاني منه المدينة في بعض المناطق يتطلب حلولًا مبتكرة توازن بين الحاجة إلى توسيع الطرق وبين الحفاظ على البيئة.
خاتمة
الرباط، العاصمة التاريخية والإدارية للمغرب، تشهد تطورًا غير مسبوق في مجالات متعددة، بدءًا من البنية التحتية وصولًا إلى المشاريع الثقافية والرياضية. هذه الإنجازات تجعل المدينة ليست فقط مركزًا سياسيًا وإداريًا بل أيضًا وجهة سياحية وثقافية عالمية.