
بسيم الأمجاري
شهر رمضان المبارك هو شهر الصيام الذي يتبعه المسلمون حول العالم، مع التزامهم بالصوم من الفجر حتى غروب الشمس. وفي هذا الشهر الكريم، يتبع المسلمون سنة نبويّة شريفة في إفطارهم بعد يوم طويل من الصيام، حيث يبدؤون إفطارهم عادة بالتمر والماء.
فما سر هذه العادة؟ وما الفوائد الصحية التي تعود على الجسم من تناول التمر والماء عند الإفطار؟ وهل لهذه العادة آثار خاصة على المرضى، خاصة مرضى السكري والضغط؟
إفطار الصائم بالتمر والماء: سنّة نبوية طبية
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد فالماء، فإنه طهور.” (رواه الترمذي). هذا الحديث الشريف ليس مجرد توجيه ديني، بل يحمل في طياته حكمة طبية كبيرة. فقد ثبت علميًا أن التمر والماء يعتبران الخيار الأمثل لإفطار الصائم.
الحكمة من تفضيل التمر على الماء عند الإفطار، يتعرض الجسم للعديد من التغيرات نتيجة الصيام الطويل. ومع أول لحظة لفتح الفم بعد ساعات من الامتناع عن الطعام، يحتاج الجسم إلى مصدر سريع للطاقة ليعيد إليه الحيوية والنشاط.
التمر، بفضل محتواه من السكريات البسيطة مثل الجلوكوز والفركتوز، يوفر هذه الطاقة بشكل سريع وفعال. أما الماء، فيساعد على ترطيب الجسم وتعويض السوائل التي فقدها خلال النهار.
فوائد التمر والماء للصائم
- فوائد التمر:
التمر هو غذاء يحتوي على العديد من العناصر الغذائية الأساسية التي تعزز من صحة الجسم بشكل عام، وهو من المصادر الغنية بالطاقة. إليك بعض أبرز الفوائد الصحية لتناول التمر عند الإفطار:
- مصدر سريع للطاقة: يحتوي التمر على نسبة عالية من السكريات الأحادية والثنائية مثل الجلوكوز والفركتوز، على سكريات طبيعية سهلة الهضم، ما يجعله من أفضل الخيارات لاستعادة الطاقة بسرعة بعد ساعات من الصيام. كما يساعد في رفع مستويات سكر الدم بسرعة وفعالية، وهو أمر بالغ الأهمية للصائم الذي يكون جسمه في حالة نقص للطاقة بعد فترة طويلة من الامتناع عن الطعام.
- تنظيم مستوى السكر في الدم: بفضل الألياف التي يحتوي عليها التمر، فهو يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. هذا يجنب الجسم الارتفاع المفاجئ في السكر الذي يمكن أن يحدث عند تناول الطعام بسرعة بعد فترة طويلة من الامتناع عن الطعام.
- تحسين صحة الجهاز الهضمي: أحد الفوائد المميزة للتمر هو احتواؤه على نسبة عالية من الألياف الغذائية التي تساهم في تحسين عمل الجهاز الهضمي. هذه الألياف تسهم بشكل كبير في منع الإمساك، وهو من المشاكل التي يعاني منها الكثيرون خلال شهر رمضان بسبب التغير في نمط الطعام. كما أن الألياف تساعد على توازن مستويات السكر في الدم، مما يقي من الارتفاع المفاجئ للسكر بعد تناول الطعام.
- تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية: التمر يحتوي على الألياف والعديد من المعادن المهمة مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، وهما عنصران أساسيان لخفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم، مما يعزز الحفاظ على صحة القلب وضغط الدم. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي التمر على مواد مضادة للأكسدة التي تساعد في الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية.
- مكافحة الجذور الحرة والوقاية من الأمراض: من المعروف أن التمر يحتوي على مجموعة من المركبات المضادة للأكسدة مثل البوليفينولات، والتي تلعب دوراً مهماً في حماية الخلايا من التلف الذي تسببه الجذور الحرة. وتعتبر هذه المضادات مهمة في الوقاية من بعض أنواع السرطان ومرض الزهايمر، بالإضافة إلى تعزيز الجهاز المناعي.
- تقوية العظام والأسنان: التمر غني بالمعادن الأساسية مثل الكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم، التي تعد ضرورية لصحة العظام والأسنان. يساعد التمر في تقوية العظام والوقاية من هشاشة العظام التي قد تتطور مع مرور الوقت.

2. فوئد الماء للصائم
من المعروف أن الماء يشكل جزءاً أساسياً في أي نظام غذائي صحي، وهذا لا يختلف في شهر رمضان. يعتبر الماء العنصر الأول الذي يجب تناوله بعد ساعات طويلة من الجفاف. ومن فوائده:
- إعادة ترطيب الجسم: بعد صيام طويل، يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل، ويحتاج إلى تعويض هذا النقص بسرعة. الماء يساعد في ترطيب الجسم ويسهم في استعادة توازن المعادن والأملاح المفقودة خلال النهار. كما أن شرب الماء بعد الإفطار يساعد في الحفاظ على صحة الكلى وتجنب الجفاف.
- تعزيز الهضم وامتصاص العناصر الغذائية: يساهم شرب الماء في تحسين عملية الهضم، كما يعزز من امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء. بعد الصيام، يكون الجسم بحاجة إلى الراحة استعداداً للامتصاص الجيد للعناصر الغذائية التي سيحصل عليها من وجبة الإفطار.
- الوقاية من الحموضة والإمساك: شرب الماء يساعد في تقليل حموضة المعدة التي قد تنشأ بسبب صيام اليوم الطويل. كما يعمل الماء على الوقاية من الإمساك عن طريق تحسين حركة الأمعاء والتسهيل في عملية الهضم.
عدد حبات التمر الموصى بها للصائم
بالرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها التمر، إلا أن الإفراط في تناوله يمكن أن يكون غير صحي خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل السكري. يوصى بالنسبة للشخص العادي بتناول 3 إلى 5 حبات من التمر فقط عند الإفطار، وهي الكمية المثالية التي تعطي الجسم الطاقة اللازمة دون أن تؤدي إلى زيادة في الوزن أو ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم.
هل يعتبر التمر مناسباً لمرضى السكري؟
قد يظن بعض الناس أن التمر غير مناسب لمرضى السكري بسبب محتواه العالي من السكريات. ولكن الحقيقة هي أن التمر يحتوي على سكريات طبيعية تحرر الطاقة بشكل بطيء نسبياً. بالنسبة لمرضى السكري، يمكن تناول حبة أو اثنتين من التمر بحذر، ولكن يجب عليهم متابعة مستويات السكر في الدم بشكل دوري.
وحيث إن حالة كل مريض قد تختلف من مريض إلى آخر، فيتعين استشارة الطبيب المعالج الذي يعود له وحدة تحديد الكمية المناسبة بناء على ما تبين له من تشخيص لكل حالة على حدة.
كيفية التعامل مع الإفطار بالتمر للأشخاص المصابين بأمراض أخرى
بالنسبة لمرضى الضغط أو الأمراض القلبية، يعتبر التمر خياراً ممتازاً لأنه غني بالبوتاسيوم والمغنيسيوم، اللذين يساعدان في خفض ضغط الدم وتحسين صحة القلب. لكن من المهم أيضًا الاعتدال في الكميات لتجنب أي تأثيرات سلبية.
متى يجب تناول الماء؟
ينصح بتناول كوب من الماء قبل أو مع تناول التمر مباشرة عند الإفطار. بعد ذلك، يمكن تناول المزيد من الماء بشكل تدريجي حتى السحور، مما يساعد على الحفاظ على رطوبة الجسم طوال اليوم.
ختامًا: الإفطار بالتمر والماء، بداية التوازن الغذائي
لا شك أن الإفطار على التمر والماء يحمل أسرارًا صحية عظيمة ويوفر انطلاقة لطيفة للجهاز الهضمي بعد ساعات الصيام الطويلة، وذلك سيرا على الهدي النبوي الشريف. ومع ذلك، يبقى الحرص على استكمال الإفطار بتشكيلة غذائية متوازنة أمرًا بالغ الأهمية؛ إذ ينبغي للصائم أن يحرص على تنويع وجبته بين الخضروات الطازجة، والفواكه الغنية، والبروتينات الصحية، إلى جانب الكربوهيدرات المعقدة، لضمان حصول الجسم على حاجته من العناصر الغذائية الضرورية.
إن الاعتدال في تناول الطعام بعد الإفطار، والالتزام بتوازن الوجبة، يساهمان في تعزيز صحة الجسم، والحفاظ على النشاط والحيوية طوال أيام شهر رمضان المبارك.