الأرق عند كبار السن: الأسباب وطرق العلاج

الأرق هو أحد أكثر الاضطرابات شيوعًا لدى كبار السن، حيث يعانون من صعوبة في النوم أو الاستمرار فيه، مما يؤثر على نوعية حياتهم وصحتهم العامة. في هذا المقال، سيتم تسليط الضوء على أسباب الأرق عند هذه الفئة العمرية، مثل الألم الناتج عن بعض الأمراض، وتأثيرات الأدوية، والضغوط النفسية، وقلة النشاط البدني، وكذا سبل العلاج من هذه المعضلة.

أسباب الأرق عند كبار السن

1. التغيرات الطبيعية في دورة النوم

مع التقدم في العمر، يحدث تغير طبيعي في دورة النوم، حيث تقل فترات النوم العميق، ويزداد الاستيقاظ أثناء الليل. هذا يؤدي إلى شعور البعض بعدم كفاية النوم، حتى وإن حصلوا على عدد كافٍ من ساعات النوم.

2. الأمراض المزمنة

كبار السن أكثر عرضة للأمراض المزمنة التي قد تسبب اضطرابات في النوم، مثل:

  • آلام المفاصل، آلام النقرس، آلام هشاشة العظام وغيرها من الأمراض التي يكون الألم فيها مزعجا خاصة بالليل، مما يجعل المسن لا يقوى على النوم بشكل طبيعي.
  • مشاكل الجهاز التنفسي: مثل الربو أو الاختناق أو ضيق التنفس أو انقطاعه المتكرر أثناء النوم.
  • أمراض القلب: قد يؤدي فشل القلب إلى صعوبة التنفس عند الاستلقاء.
  • الأمراض العصبية: كالزهايمر أو مرض باركنسون، التي تتسبب في اضطراب أنماط النوم.

3. الأدوية وآثارها الجانبية

كبار السن غالبًا ما يتناولون أدوية لعلاج الأمراض المزمنة، مثل:

  • مدرات البول، التي تزيد الحاجة إلى التبول ليلاً.
  • أدوية مضادة للاكتئاب أو مضادة للهيستامين، التي قد تسبب القلق أو النعاس المفرط في أوقات غير مناسبة.

4. الحالة النفسية

  • القلق: قد يكون كبار السن أكثر ميلا للقلق بشأن المستقبل أو صحتهم أو أمور عائلية أخرى.
  • الاكتئاب: كبار السن قد يتعرضون إلى الشعور بالعزلة عند فقدان أصدقاء أو أفراد من العائلة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية تؤثر على النوم بشكل طبيعي.

5. أنماط حياة غير صحية

  • المنبهات: قد يؤدي التعاطي للتدخين أو تناول الكافيين أو غيرها من المنبهات بشكل كبير وخاصة قبل النوم إلى اضطراب في النوم، وهو ما يقتضي تغيير هذا السلوك.
  • قلة النشاط البدني: قلة حركة الشخص المسن وركونه إلى كثرة الجلوس أو التمدد فوق السرير، يؤدي، فضلا عن مشاكل هشاشة العظام وضعف العضلات، إلى قلة النوم.
  • استخدام الأجهزة الإلكترونية لوقت متأخر: كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية من هواتف وشاشات الكمبيوتر إلى وقت متأخر من الليل يؤدي إلى اضطراب في النوم، خاصة عند المسنين الذين تتغير دورة النوم عندهم بشكل طبيعي.

6. الضغوط الاجتماعية والعائلية

  • التقاعد يؤدي أحيانا إلى الشعور بعدم الفائدة أو الوحدة: قد يعاني كبار السن من قلة النوم أو اضطرابه، خاصة بعد التقاعد عن العمل، نتيجة التغير المفاجئ في نمط الحياة. إذ يجدون أنفسهم بعيدين عن الحركة والنشاط اليومي الذين اعتادوا عليه لسنوات طوال.
  • التغيرات العائلية، مثل فقدان الشريك أو العيش بمفرده: إن غياب الشريك قد يترك عند كبار السن فراغا عاطفيا ومعنويا يصعب ملؤه، في ظل انشغال العالم، بمن فيهم أفراد الأسرة والعائلة، من حولهم باهتماماتهم وانشغالاتهم.

7. اضطرابات النوم الأولية

تشمل اضطرابات النوم الأولية التي تصيب كبار السن:

  • الأرق المزمن وصعوبة مستمرة في النوم دون سبب طبي واضح: هذا النوع من الأرق غالبا ما يكون مرتبطًا بالضغوط النفسية، القلق، أو الحياة غير الصحية.
  • متلازمة تململ الساقين: رغبة لا تُقاوم لتحريك الساقين، خاصةً في الليل. يمكن علاج هذه الحالات من خلال تغيير نمط الحياة، كممارسة تمارين رياضية، أو استشارة الطبيب إذا لزم الأمر.
  •  انقطاع النفس النومي: اضطراب خطير يتسبب في توقف التنفس لفترات قصيرة أثناء النوم.

تأثير الأرق على كبار السن

الأرق ليس مجرد مشكلة مؤقتة؛ بل قد يؤدي إلى آثار خطيرة تشمل:

  • انخفاض التركيز والذاكرة: قد يترك آثارًا على الصحة والجسد والجسم إذا استمر لفترة طويلة.
  • زيادة خطر السقوط بسبب الإرهاق.
  • ارتفاع احتمالات الإصابة بالاكتئاب.
  • ضعف جهاز المناعة، مما يزيد من التعرض للأمراض.

علاج الأرق عند كبار السن

أولاً: العلاج عن طريق تغيير بعض العادات

يمكن تحسين عادات النوم ليلا، من خلال:

  • الالتزام بجدول منتظم للنوم: النوم والاستيقاظ مبكرا، تفادي القيلولة أثناء النهار، عدم الركون إلى الخمول، توفير بيئة مريحة للنوم؛
  • تجنب بعض السلوكيات السلبية: تفادي تناول الكافيين أو المنبهات بمختلف أنواعها قبل النوم بساعات؛
  • تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية في الساعات القليلة قبل النوم؛
  • زيادة النشاط البدني: ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة مثل المشي أو السباحة، مع الحرص على تجنب التمارين المكثفة قبل النوم مباشرة.
  • تقنيات الاسترخاء: استخدام التأمل أو التنفس العميق لتخفيف القلق، الاستماع إلى موسيقى هادئة أو أصوات الطبيعة.
  • التعامل مع المشاكل النفسية والاجتماعية: الانضمام إلى مجموعات دعم اجتماعية لتخفيف الشعور بالعزلة، استشارة طبيب نفسي للتعامل مع القلق أو الاكتئاب، زيارات العائلة والأصدقاء.

ثانيًا: العلاج الطبي

بعد استشارة الطبيب، يمكن علاج الاضطراب في النوم عند كبار السن من خلال:

1. معالجة الأسباب الأساسية:

  • علاج الأمراض المزمنة التي تسبب الأرق.
  • ضبط جرعات الأدوية لتقليل تأثيرها على النوم.

2. الأدوية المنومة

  • تستخدم الأدوية في الحالات الضرورية وكحل قصير المدى فقط وتحت إشراف الطبيب المعالج الذي يرجع له وحده وصف المقادير اللازمة.
  • ضرورة تجنب الاعتماد على الأدوية وحدها، خاصةً وأن استخدامها لفترات طويلة قد يؤدي إلى الإدمان أو زيادة الأعراض الجانبية.

3. العلاج بالأعشاب والمكملات الغذائية

  • الميلاتونين: يُستخدم لتحسين جودة النوم وتنظيم دورة النوم.
  • أعشاب مهدئة: مثل الكاموميل أو النعناع.

ملاحظة: يتعين استشارة الطبيب المختص الذي يمكن له، وفقا لكل حالة على حدة، تقدير نوع الدواء الملائم والمقادير الضرورية.

4. الأجهزة الطبية والعلاجات المساندة

 استخدام أجهزة لعلاج انقطاع النفس النومي مثل جهاز ضغط الهواء الإيجابي (CPAP).

 العلاج الضوئي لتنظيم دورة النوم، خاصةً لمن يعانون من اضطراب النوم المرتبط بالساعة البيولوجية.

نصائح إضافية لتحسين النوم لدى كبار السن

لضمان فترة نوم ملائمة، ينصح كبار السن بـ :

  • تناول وجبة خفيفة قبل النوم تحتوي على الكربوهيدرات والبروتين (مثل الحليب الدافئ مع قطعة خبز، مع مراعاة تعليمات الطبيب بالنسبة لبعض الأمراض المزمنة كالسكري).
  • شرب شاي الأعشاب المهدئ.
  • تخصيص وقت للقراءة أو الاستماع إلى القرآن أو التأمل قبل النوم.

ختامًا، يعد علاج الأرق عند كبار السن إشكالية تتجاوز مجرد اضطراب في النوم، بل هي مشكلة معقدة تتطلب فهم أسبابها الأساسية لمعالجتها بطريقة فعالية.

وتبعا لنوعية وطبيعة هذه الأسباب، يمكن الحد من ظاهرة الأرق إما باستخدام أدوية، تحت إشراف الطبيب المعالج، في حالة وجود أمراض مزمنة، أو الالتزام بتغيير بعض السلوكيات والالتزام بأسلوب حياة يجمع بين تفادي بعض العادات السلبية وممارسة نشاط رياضي وتنظيم جدول النوم واتباع نظام غذائي صحي متوازن.

إن التعامل الفعال مع الأرق وإيجاد علاج له لا يؤدي فقط إلى الحصول على نوم جيد، بل يساهم أيضًا في تحسين الصحة العامة لكبار السن، ويمنحهم القوة لمواجهة تحديات الحياة اليومية. لذا، يجب إعطاء هذه المعضلة الاهتمام الكافي لضمان حياة أكثر راحة. إن الوعي بأهمية النوم لدى هذه الفئة العمرية مسؤولية جماعية للمسنين أنفسهم وذويهم.

شاهد أيضاً

أمريكا في عهد ترامب: وعود العصر الذهبي بين التحديات والفرص

بسيم الأمجاري مع تنصيبه اليوم 20 يناير 2025، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلمة مثيرة …

الصراع حول الصحراء المغربية: بين المواقف الدولية وتوازنات القوى الكبرى

بسيم الأمجاري تعد قضية الصحراء المغربية واحدة من أكثر النزاعات تعقيداً في العالم، حيث تشكل …

جهة بني ملال – خنيفرة: مشاريع طموحة نحو تنمية سياحية واقتصادية واعدة

تُعد جهة بني ملال خنيفرة واحدة من أهم جهات المملكة المغربية، لما تزخر به من …

معاهدة الشراكة الشاملة بين روسيا وإيران: هل هي خطوة نحو تحالف دفاعي أم مجرد لعبة دبلوماسية؟

في ظل التصعيد المستمر في العلاقات الدولية وتزايد التوترات بين روسيا والغرب من جهة، وإيران …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *