كيف يؤثر المشي على صحتك وينقذك من الكولسترول القاتل؟

الرباط في 18 غشت 2025

بقلم بسيم الأمجاري 

مقدمة: حين يتحول الجسد من خمول مرضي إلى حيوية نشيطة

تخيل أن جسدك هو بمثابة مدينة تنبض بالحياة. مركزها القلب، وطرقها هي الشرايين، وسكانها هم المركبات الكيميائية التي تجري في دمك.

في هذه المدينة، يلعب الكولسترول وأصدقاؤه أدوارًا معقدة تتراوح بين البناء والتخريب، وبين التوازن والفوضى.

أما الشرطة أو قوات الحماية، فهي بروتينات تُدعى HDL وLDL، تحدد مصير مدينتك الصحية.

في هذا المقال، سنقودك في جولة داخل هذه المدينة العجيبة التي تسكنك، لنكتشف كيف يمكنك، بخطوات بسيطة كالمشي، أن تغيّر مصيرها بالكامل. 

ما هو الكولسترول؟ الفهم قبل العلاج

ما الفرق بين الكولسترول “الضار” و”النافع”؟

الكولسترول ليس مادة سامة كما يعتقد الكثيرون، بل هو عنصر حيوي يدخل في تكوين خلايا الجسم، وإنتاج بعض الهرمونات، وصناعة الفيتامين D. لكنه ينقسم إلى نوعين أساسيين:

  • LDL (الليبوبروتين منخفض الكثافة): يُسمى بالكولسترول الضار، لأنه يترسب في جدران الشرايين ويزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين والنوبات القلبية.
  • HDL (الليبوبروتين عالي الكثافة): يُلقّب بالكولسترول النافع، لأنه يقوم بتنظيف الشرايين من الترسبات الدهنية وينقلها إلى الكبد للتخلص منها.

القصة الرمزية: مدينة الجسد وعصابة الكولسترول

لنتخيل الأمر بهذه الطريقة:

  • القلب هو مركز المدينة.
  • الشرايين هي الطرق.
  • الكولسترول والدهون الثلاثية هم المشاغبون الذين يسدّون الطرق ويعرقلون السير.
  • HDL هو الشرطي الطيب الذي ينظف الشوارع ويضمن انسيابية الحركة والجولان.
  • LDL هو العنصر الفاسد الذي يعيد الفوضى إلى الشوارع ويخنق حركة السير والجولان.

إذا ارتفعت أعداد المشاغبين (LDL وTriglycérides)، وانخفضت أعداد الشرطة الطيبة (HDL)، فإن المدينة تنهار، والطرق تُغلق، والمركز يصاب بالشلل: إنها النوبة القلبية أو الجلطة الدماغية. 

كيف يتغذى المشاغبون؟ الأطعمة التي تضر مدينتك

هناك أطعمة تساهم في تفشي الفوضى داخل جسدك، منها: 

الأغذية الواجب التقليل منها:

  1. الملح: يرفع ضغط الدم ويزيد العبء على القلب.
  2. السكر الأبيض: يزيد من الدهون الثلاثية ويؤدي إلى مقاومة الأنسولين.
  3. الدقيق الأبيض: يفتقر إلى الألياف ويُهضم بسرعة، مما يرفع السكر في الدم.
  4. منتجات الألبان كاملة الدسم: غنية بالدهون المشبعة.
  5. الأطعمة المصنعة: تحتوي على دهون متحولة ومواد حافظة مضرة.

الأغذية التي تنظف المدينة:

  1. الخضروات: غنية بالألياف ومضادات الأكسدة.
  2. البقوليات: تنظم مستوى السكر والكولسترول.
  3. المكسرات والبذور: ترفع HDL وتقلل الالتهاب.
  4. الفواكه: تزود الجسم بالفيتامينات والألياف.
  5. الزيوت المعصورة على البارد: مثل زيت الزيتون وزيت الكتان.
  6. الحبوب الكاملة: كالقمح الكامل، الشعير، الشوفان.

سر المشي: كيف تنقذ مدينتك بخطوات بسيطة؟

كيف يؤثر المشي على الكولسترول؟

  • يزيد من مستوى HDL (النافع): المشي المنتظم يُحفز الكبد على إنتاج هذا البروتين الحيوي.
  • يخفض LDL (الضار): من خلال تحسين التمثيل الغذائي للدهون.
  • يحسن حساسية الجسم للأنسولين: مما يساعد في خفض الدهون الثلاثية.
  • يحافظ على الوزن: الذي له علاقة مباشرة بصحة القلب والكولسترول.

كم نحتاج من المشي يوميًا؟

  • 30 دقيقة على الأقل يوميًا، 5 أيام في الأسبوع.
  • يمكن تقسيمها إلى فترات (3×10 دقائق مثلًا).

هل للمشي فوائد تتجاوز القلب والكولسترول؟

نعم، المشي ليس علاجًا فقط للكولسترول، بل هو دواء شامل:

  • يحسن المزاج ويخفف الاكتئاب.
  • ينشّط الذاكرة ويقلل من خطر الزهايمر.
  • ينظم النوم.
  • يحسن الهضم ويقلل من مشاكل القولون.
  • يرفع مناعة الجسم.

نصائح عملية لتبدأ في المشي حتى لو كنت كسولًا

 

خطة البداية:

  • ابدأ بـ 10 دقائق في اليوم.
  • اختر وقتًا ثابتًا (صباحًا أو مساءً).
  • اختر حذاء مريحًا وملابس خفيفة.
  • استمع أثناء المشي لأي شيء تحبه (قرآن، موسيقى بودكاست أو غيره).
  • شارك أحد أفراد العائلة أو صديقًا في المشي.

 أرقام صادمة: لماذا يجب أن نتحرك فورًا؟

  • وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، أمراض القلب تقتل أكثر من 17 مليون شخص سنويًا.
  • 80٪ من هذه الوفيات يمكن الوقاية منها من خلال تغيير نمط الحياة.
  • في المغرب والدول العربية، نسبة ارتفاع الكولسترول تصل إلى أكثر من 35% من السكان البالغين.
  • واحد من كل ثلاثة لا يمارس أي نشاط بدني منتظم.

تغيير نمط الحياة: خطوات إضافية

1. الرياضة ليست فقط المشي

اليوغا، السباحة، ركوب الدراجة، وغيرها من الرياضات الأخرى، كلها مفيدة.

2. نظام غذائي متوسطي

اعتمد على زيت الزيتون، الخضار، السمك، والفواكه الجافة.

 3. الراحة النفسية

الإجهاد المستمر يرفع الكورتيزول الذي يخلّ بتوازن الدهون في الدم.

4. النوم الكافي

قلة النوم تؤثر على الهرمونات المنظمة للشهية والدهون.

 رسائل للمسنين: لا تدع العمر يخدعك

  • من قال إنك بعد الستين لا تستطيع تحسين صحتك؟
  • المشي لا يحتاج إلى عضلات رياضي محترف، بل إلى عزيمة.
  • إذا بدأت اليوم، فغدًا ستكون أقوى، وبعد شهر ستشعر بأنك وُلدت من جديد.

ما الذي يجب أن تتشاركه مع أحبائك اليوم؟

أرسل لهم هذا الملخص الصحي:

  • قللوا من السكر والملح والدقيق الأبيض.
  • أضيفوا الخضروات والمكسرات والفاكهة لنظامكم الغذائي.
  • امشوا 30 دقيقة يوميًا على الأقل كل حسب حالته الصحية وقدرته.
  • لا تنسوا الفحوصات الدورية.
  • فكروا بإيجابية، وابتعدوا عن التوتر.

التكنولوجيا صديق أم عدو لصحتك؟

في عصر الهواتف الذكية والشاشات، أصبحت الحركة أمرًا ثانويًا. لكن يمكنك قلب المعادلة:

  • استخدم تطبيقات المشي لحساب الخطوات وتحفيز نفسك.
  • اضبط تذكيرًا يوميًا للنهوض والتحرك.
  • شاهد فيديوهات رياضية خفيفة أو تحديات صحية قصيرة.
  • قلل الجلوس الطويل أمام الشاشات، وامشِ أثناء المكالمات الهاتفية.

التكنولوجيا يمكن أن تكون دافعًا للحركة… فقط استعملها بذكاء.

خاتمة: جسد في حاجة إليك الآن

قد لا تملك القدرة على تغيير العالم الخارجي، لكنك تملك القدرة على أن تتحكم في صحتك عبر ممارسة الرياضة ولاسيما المشي والسباحة.

خطوة بخطوة، يمكنك أن تتحسن صحتك، تحمي قلبك، وتعيش حياة أطول وأجمل.

لا تنتظر أعراض الخطر، فابدأ الآن. امشِ لأجل نفسك، لأجل من تحب، ولأجل أن تبقى تعيش في أحسن أحواك الصحية ما دمت حيا.

للاطلاع على مواضيع أخرى، يرجى النقر على رابط المدونة: https://moustajadat.com

شاهد أيضاً

ذكرى استرجاع وادي الذهب: من محطة التحرير إلى نموذج التنمية والريادة الأطلسية

الرباط في 13 غشت 2025 بقلم بسيم الأمجاري المقدمة: وادي الذهب، من بيعة 14 غشت …

رئيس لبنان يُلقي درسًا في الأخوة العربية: لا تدخل إلا لدعم التضامن العربي والاحترام المتبادل

الرباط في 2 غشت 2025 بقلم بسيم الأمجاري المقدمة في زيارة رسمية بارزة، زار الرئيس …

الاقتصاد المغربي في 2024: بنك المغرب يتحدث بصراحة، وهذه حقيقة وضعنا المالي والنقدي

الرباط في 31 يوليو 2025 بقلم بسيم الأمجاري  مقدمة في يوم 29 يوليوز 2025، قدّم …

العبقرية المُغيَّبة: لماذا تعجز مجتمعاتنا عن تمكين العقول المفكّرة وتتعمد نشر التفاهة؟

الرباط في 29 يوليو 2025 بقلم بسيم الأمجاري المقدمة الفرق بين تكريم العبقرية وإهمالها لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *