جهة بني ملال – خنيفرة: مشاريع طموحة نحو تنمية سياحية واقتصادية واعدة

تُعد جهة بني ملال خنيفرة واحدة من أهم جهات المملكة المغربية، لما تزخر به من مقومات طبيعية، اقتصادية، وثقافية فريدة، تجعلها وجهة مثالية للاستثمار والتنمية المستدامة.

وتماشياً مع الجهود الرامية إلى تعزيز البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي، سيتم إطلاق مشاريع مبتكرة وواعدة، على غرار “التلفريك” و”دينوبارك” أزيلال، اللذين سيكون لهما وقع كبير على إعادة تشكيل خارطة السياحة في المغرب العميق.

الموقع الجغرافي للجهة وعدد السكان

تقع جهة بني ملال خنيفرة في قلب المغرب، ما يجعلها حلقة وصل بين الشمال والجنوب. تضم الجهة خمس عمالات وأقاليم هي: بني ملال، خنيفرة، الفقيه بن صالح، أزيلال، وخريبكة. تبلغ مساحة الجهة حوالي 28.000 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها وفق آخر إحصاء قانوني لعام 2024 حوالي 2.8 مليون نسمة.

البنية التحتية والأنشطة الاقتصادية

البنية التحتية

تمتلك الجهة شبكة طرق مهمة تربطها بباقي مناطق المغرب، كما تضم محاور استراتيجية تربطها بمدينة الدار البيضاء ومراكش وباقي المدن الكبرى. إضافة إلى ذلك، تعرف الجهة تطورًا ملحوظًا في مجالات التعليم العالي، الصحة، والنقل، مع إنشاء مشاريع مستقبلية تهدف إلى تحسين جودة الحياة للسكان.

الأنشطة الاقتصادية

تتنوع الأنشطة الاقتصادية في الجهة، حيث تُعتبر الزراعة العمود الفقري لاقتصادها، نظراً لوفرة الموارد المائية والتربة الخصبة. تُعرف بزراعة الحبوب، الزيتون، الفواكه، وتربية الماشية. إلى جانب الزراعة، تُعد خريبكة مركزاً مهماً لصناعة الفوسفات، بينما تشتهر أزيلال بخدماتها السياحية التي تعتمد على المناظر الطبيعية الخلابة مثل شلالات أوزود وسلسلة جبال الأطلس.

مشروع “تلفريك” بني ملال خنيفرة: رؤية جديدة للسياحة

تُعد جهة بني ملال – خنيفرة بمثابة جوهرة طبيعية بفضل مناظرها الخلابة وتنوعها البيئي. يأتي مشروع “تلفريك” ليُضفي بُعدًا جديدًا على تجربة الزوار، حيث يمكنهم الاستمتاع بجمال الشلالات والجبال من منظور فريد عبر التلفريك. كما يُمثل المشروع فرصة سانحة للمستثمرين للاستفادة من البنية التحتية المتطورة والمشاريع المستقبلية في المنطقة.

تفاصيل المشروع

يهدف مشروع التلفريك إلى ربط أبرز المعالم السياحية في الجهة عبر خطين رئيسيين:

الخط الأول: يربط شلالات أوزود، التي تُعد واحدة من أعلى الشلالات في أفريقيا، وأحد أبرز المعالم الطبيعية في المغرب، بحديقة الديناصورات (دينوبارك) المزمع إحداثها في أزيلال.

الخط الثاني: يربط بين حديقة عين أسردون في بني ملال وقمة تصميط، موفراً إطلالات بانورامية مذهلة.

أهداف المشروع

من بين أهم أهداف المشروع:

تعزيز البنية التحتية السياحية: من خلال تحسين سهولة الوصول إلى المواقع السياحية البارزة والمواقع الطبيعية الخلابة، مما يجعلها أكثر جذبًا للسياح المحليين والدوليين.

زيادة الاستثمار: إذ يُعد المشروع فرصة ذهبية للمستثمرين للاستفادة من تنامي الحركة السياحية في المنطقة، مما يفتح آفاقًا جديدة للمشاريع السياحية والترفيهية، ويُشجع المستثمرين على الاستفادة من الحركة السياحية المتنامية.

خلق فرص عمل: من المتوقع أن يوفر المشروع فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لسكان المنطقة، مما يُسهم في تحسين المستوى المعيشي للأسر المحلية ويُحسّن من الظروف المعيشية.

التأثير على السكان

يُتوقع أن يساهم المشروع في تحسين ظروف عيش الساكنة من خلال توفير فرص عمل، وتعزيز النشاط الاقتصادي في المنطقة. كما سيجعل الوصول إلى المناطق الطبيعية أكثر سهولة، ما يزيد من أعداد الزوار المحليين والدوليين.

دينوبارك أزيلال: مشروع تعليمي وترفيهي رائد

يعد إقليم أزيلال أحد الأقاليم الخمسة بجهة بني ملال – خنيفرة، وأحد الأقاليم الجبلية الغني بالغابات والمناظر الطبيعية والثقافية. ومع ذلك ظل الإقليم لسنوات طويلة يعاني من نقص الاستثمار الذي يبرز إمكانياته السياحية. اليوم، يأتي مشروع “دينوبارك” ليغير هذا الواقع ويضع إقليم أزيلال على خارطة الوجهات السياحية الوطنية والعالمية.

مكونات المشروع

مشروع “دينوبارك” في أزيلال لن يكون مجرد مشروع ترفيهي، بل هو تصور شامل يمزج بين التعليم، الثقافة، والترفيه، يعيد تشكيل مستقبل السياحة في جهة بني ملال خنيفرة، ويقدم رؤية مبتكرة في بيئة مستوحاة من التاريخ الجيولوجي للمنطقة. يمتد المشروع على مساحة 5 هكتارات وبتكلفة تصل إلى 100 مليون درهم، ويتألف من ثلاث مناطق رئيسية:

1. قرية الأطلس: وهي مدخل يبرز التراث المادي وغير المادي للجهة، ويتيح للزوار التعرف على المنتجات التقليدية مثل الصناعات اليدوية والسياحة الزراعية، مع تسويق المنتجات التقليدية والحرف اليدوية.

2. وادي الديناصورات: حيث يمكن للزوار مشاهدة نماذج ديناصورات بحجمها الحقيقي، مما يوفر تجربة تعليمية وترفيهية فريدة.

3. دينو بارك: فضاء غني بالأنشطة التفاعلية والترفيهية، ما يجعله وجهة مثالية للعائلات والسياح من مختلف الأعمار.

الأهداف والتأثير

يشكل “دينوبارك” نقطة تحول في الاقتصاد المحلي، حيث من المتوقع أن يسهم في:

خلق فرص عمل: يُتوقع أن يوفر المشروع مئات من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات البناء، الإدارة، السياحة، والخدمات.

تنمية الاقتصاد المحلي: سيساهم المشروع في دعم الصناعات التقليدية والسياحة الفلاحية، مما يمنح الفلاحين والحرفيين فرصة للترويج لمنتجاتهم.

 • جذب الاستثمارات: من خلال تطوير البنية التحتية وربط المواقع السياحية بالتلفريك، سيشجع المشروع مستثمرين جددًا على الاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية للمنطقة.

تعزيز الهوية المحلية: من خلال تعريف الزوار بالموروث الثقافي والتاريخي للمنطقة.

الآثار المتوقعة

من شأن مشروع “دينوبارك” أن يُسهم في جذب السياح من داخل المغرب وخارجه، ما سيزيد من إشعاع إقليم أزيلال وجهة بني ملال – خنيفرة ككل. كما سيخلق دينامية اقتصادية واجتماعية تدعم المجتمعات المحلية، مما يعزز الانتماء والفخر بالمنطقة.

فضلا عن ذلك، سيكون للمشروع عوائد اقتصادية، وتأثير اجتماعي كبير على سكان أزيلال. سيتيح لأبناء المنطقة فرصة التعرف على ثقافتهم وتاريخهم الجيولوجي بطريقة حديثة، وسيعزز الانتماء للمجتمع المحلي. كما سيتيح للزوار المغاربة والأجانب اكتشاف جمال المنطقة وتنوعها الثقافي والطبيعي.

رؤية مستقبلية للسياحة المستدامة “

من خلال هذا المشروع”، تنخرط جهة بني ملال – خنيفرة في رؤية شاملة للسياحة المستدامة، تُعنى بالحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزز علامة “اليونسكو” لجيوبارك “مكون”.

يمثل “دينوبارك” أكثر من مجرد مشروع ترفيهي؛ إنه استثمار اجتماعي واقتصادي يبرز الإمكانيات الكامنة في إقليم أزيلال وجهة بني ملال – خنيفرة. بفضل هذا المشروع، تُفتح آفاق جديدة للسياحة، ويتم تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، مما يجعلها وجهة حيوية للزوار والمستثمرين على حد سواء.

رؤية مستقبلية

من خلال هذه المشاريع، تنخرط جهة بني ملال-خنيفرة في استراتيجية شاملة لتنمية السياحة المستدامة، حيث تسعى للحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز البنية التحتية. كما تُسهم هذه المبادرات في تحقيق أهداف خارطة الطريق السياحية الوطنية لعام 2026، التي تسعى إلى جعل المغرب وجهة سياحية عالمية.

خاتمة

تمثل جهة بني ملال- خنيفرة نموذجاً ملهماً للتنمية الإقليمية المتكاملة، حيث تمزج بين استثمار الموارد الطبيعية والثقافية وتعزيز الاقتصاد المحلي. بفضل مشروعي “التلفريك” و”دينوبارك” أزيلال، تدخل الجهة مرحلة جديدة من النهضة السياحية، ما يجعلها وجهة حيوية للسياح والمستثمرين على حد سواء. إن هذه المشاريع ليست فقط استثماراً اقتصادياً، بل أيضاً خطوة نحو تحقيق تنمية مستدامة وشاملة تخدم الأجيال الحالية والمستقبلية.

ومع إطلاق هذين المشروعين الطموحين، تتجه جهة بني ملال – خنيفرة نحو تعزيز مكانتها كوجهة سياحية رائدة في المغرب. إنها دعوة مفتوحة للسياح لاكتشاف سحر الطبيعة، وللمستثمرين للمشاركة في نهضة سياحية واعدة.

شاهد أيضاً

العضلات سر الشباب الدائم: أهمية الرياضة لتقوية عضلات المسنين وحماية صحتهم

بسيم الأمجاري مع تقدم العمر، يواجه الجسم العديد من التغيرات التي تؤثر على صحة العضلات …

أمريكا في عهد ترامب: وعود العصر الذهبي بين التحديات والفرص

بسيم الأمجاري مع تنصيبه اليوم 20 يناير 2025، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلمة مثيرة …

الصراع حول الصحراء المغربية: بين المواقف الدولية وتوازنات القوى الكبرى

بسيم الأمجاري تعد قضية الصحراء المغربية واحدة من أكثر النزاعات تعقيداً في العالم، حيث تشكل …

معاهدة الشراكة الشاملة بين روسيا وإيران: هل هي خطوة نحو تحالف دفاعي أم مجرد لعبة دبلوماسية؟

في ظل التصعيد المستمر في العلاقات الدولية وتزايد التوترات بين روسيا والغرب من جهة، وإيران …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *